
كسر الحدود.. سيناريوهات المشهد القادم
الخبير الأمني والإستراتيجي سيف رعد طالب لـ «منصة تغيير»:
النظام السياسي في العراق أدرك متأخرًا بأن الحفاظ على النظام لايحتاج إلى قوة عسكرية وأمنية فقط، بل يجب أن يكون هناك رضا شعبي يضمن لكل مواطن حقه كما كفله الدستور العراقي، وهذه من الحقائق التي اكتشفها النظام العراقي بشكل متأخر.
ما حدث في سوريا ولّد مخاوف من زيادة نفوذ تنظيم داعش الإرهابي مع وجود تقارير استخبارية أمريكية وفرنسية وروسية وإيرانية تتكلم بخصوص التنظيم وتطوّره خلال هذه السنة، بالإضافة إلى نشاطه مستغلًا تطورات الساحة السورية.
أيضا هناك تخوّف من وجود خلايا مرتبطة بحزب البعث المحظور وهناك أيضًا تقارير استخبارية عراقية تتكلم عن هذا الأمر، بالإضافة إلى تخوّف من ظهور جماعات جديدة بعباءات جديدة مختلفة من الممكن أن تربك الوضع.
ويجب أن نشير إلى حقيقة واحدة، تنظيم داعش الإرهابي لا أعتقد بأنه يستطيع السيطرة كما أستطاع السيطرة على ثلث العراق سنة 2014 أمام وجود قدرات عسكرية عراقية جيدة، وأمام رفض شعبي اجتماعي له، بعدما شاهدنا من خلال سيطرته لأكثر من ثلاث سنوات من ظلم وقتل وتهجير.
ممكن أن نرى سيناريو آخر من تأثيرات الفواعل الخارجية والفواعل الداخلية على المستوى السوري ونتخوف دعم النظام الإيراني للـ “PPK”، هذا الدعم إذا حضيت فيه الـ “PKK” فمعناها أن نرى كسرًا للحدود العراقية السورية من ناحية شمال وغرب العراق.
لا أتخوف من حدود الأنبار، بل أتخوف من حدود الموصل فهناك أكثر من 285 كيلومتر فيها نقاط وتأثيرات لوجود الـ “PKK” وهذا الوجود له ارتباط مع قسد، ونعلم الساحة السورية وتعقيدها وهناك معلومات كبيرة بخصوص النظام التركي بالضد قسد ويهاجمها بكل مرة ويصفها بالإرهاب.
بالتالي ممكن فتح جبهة في شمال سوريا، ما يؤدي إلى كسر الحدود في شمال وغرب العراق وهذا سيؤدي إلى سيناريو تتفاعل معه خلايا نائمة في عدة محافظات متاخمة للتواجد التركي ولقاعدة بعشيقة، وفي حال تم التصعيد من قبل الـ “PKK” والجيش التركي فمن الممكن أن نرى توغلًا تركيا يصل إلى سنجار وأيضًا إلى محافظة نينوى.
من هذا السيناريو.. قد تنبثق مجاميع داخلية، ليس لها علاقة مع داعش وتنطلق من فكرة جديدة، من المحتمل أن تُدعم من قبل تركيا، بالتالي نذهب إلى سيناريو خطير جدًا يهدد الأمن القومي العراقي وقد يعرّض العراق إلى صراع داخلي قد نحمد الله على لطفه وتقديره إن وصلنا إلى أن نرضى بفيدراليات جديدة في تلك المناطق وهذه الفيدراليات نحن ليس ضدها، لكن أن تُفرض الفيدراليات كواقع حال تحت تهديد السلاح ومن قبل مجاميع مرتبطة بقرارات خارجية هذا هو الخطر الذي يهدد الأمن القومي ويهدد السلم المجتمعي.
هذا السيناريو الأقرب الذي يمكن أن نقول عنه لمحاولة التغيير في العراق، أما تغيير النظام كما حدث في سوريا وتغييره بقوة هائلة، هذا خيال ولا يمكن أن يتحقق حاليًا، لأن الحكومة العراقية محمية من الولايات المتحدة، ومعترف بها من ضمن المجتمع الدولي فإن مثل هذه السيناريوهات لا تمت إلى الواقع الميداني بأي صلة.
أما بخصوص السيناريو الذي رسمته بخصوص الـ “PKK” وكسر الحدود مع قسد والتوغل التركي، هذا هو الأقرب واقعيًا ومن الممكن أن يكون هو المشهد القادم في الساحة العراقية.

سيف رعد طالب
خبير أمني وإستراتيجي وعضو المنظمة الدولية IABTI للتحقيقات بعد الحدث