في ذكراها السنوية الرابعة، تنوعت الأساليب في إيصال الصوت ليكون الحراك الأكبر عمقًا وشمولًا في التاريخ السياسي المعاصر للعراق، حيث شكلت صدمة اخلاقية نبّهت فئات اجتماعية اخرى للانضمام اليها وخلقت خوف عميق لدى النظام السياسي.
ترابط هذا المد من الاحتجاجات المستمرة مع الشباب العراقي المستميت الذي تعايش مع تفكك الهوية الوطنية والفساد السياسي وارتفاع معدلات الحرمان والقهر الاجتماعي وتعدد مراكز السلطة ما دون الدولة بعد 2003 والحروب الخارجية والمذهبية والاثنية.
مع زيادة نسبة الفقر والبطالة انطوى المواطن على كسب قوته اليومي وتغلب عليه فراغ الحياة “الاغتراب الداخلي” ليبتعد عن مفهوم الوطنية والعيش الكريم بسبب الطبقية السياسية والاقتصادية الفاسدة، تتراكم الصراعات الطبقية بمرور الوقت لتنتج عقل وطني جمعي عفوي المسار، تتجسد بحركة فريدة للطبقة المهمشة تؤسس بداية تغيير ملحوظ ليس فقط على المستوى السياسي فقط بل على مستوى المجتمع وتفاعله مع القضايا الوطنية، جيل مطلع الالفية الثالثة اظهر في 2019 أنه أكثر عراقية في وطنيته واقل اثنية ومذهبية في ميوله رغم التأثيرات المختلفة من العولمة الرقمية ومحيطه، هذا ساعد التظاهرات بالتوغل في أعماق عددٍ ليس بقليل من العراقيين الذين شتتهم الصراع لتحدث منعطف في سجل التطور الاجتماعي والثقافي في العراق، وكذلك اكتشاف ذات جمعية تتحدى الهيمنة الثقافية للقوى السياسية -الاجتماعية الحاكمة وأعادت بناء الوعي السياسي واقتصادي وثقافي ووطني.
بات الحراك التشريني يوفر إمكانية أولية لظهور ثورة جديدة أكثر تشعبًا ووضوحًا لما وفرته من عصف نوعي يهيء مسرح الاحداث لسلخ الانظمة الفاسدة وفتح آفاقًا جديدة للتطور السياسي بمقتضى قوة أكثر قرب للمفاهيم الوطنية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية.