اسلحة منفلتة وتغاضي حكومي يضاعف قوة العشائر – نبراس علي

عجزت السلطات الحد من النزاعات العشائرية التي تختلف أسبابها والتي تمثلت بعضها بخصام اندلع نتيجة منشور في مواقع التواصل أو على الف دينار ليتطور هذا ويصل الى خلاف ونزاع من نتائجه حرق منازل وقتل اطفال وكبار في السن وتهجير عوائل خوفًا من القتل واعطاء الديات التي قد تزيد عن 6 مليار عراقي وحتى تزويج النساء رغمًا عنهن وهذا ما يسمى بـ “زواج الفصلية” .

دور المرجعية:
تتدخل المرجعية الدينية الشيعية بزعامة علي السيستاني في الكثير من هذه النزاعات لِما تحظى به من نفوذ وخاصة في المحافظات الجنوبية. ويستدرك الاعلامي حسن العامل في حديث لموقع “الحرة” أنه “لا يمكن للحكومة المحلية أو الاتحادية السيطرة عليها، وبالتالي تضطر المرجعية للتدخل في قضية هي لا شأن لها بها”.

الاسلحة المنفلتة:
وحسب مسح أجري عام 2017 عن 7.6 قطعة سلاح خفيف تنتشر في عموم العراق وعدد الاسلحة غير المعلن عنها اكبر بأضعاف، لكن العشائر لا تقتصر نزاعاتها على الاسلحة الخفيفة او المتوسطة فقط وإنما تختلف بين صواريخ ومدافع رشاشة وعجلات مدرعة وطائرات مسيرة وهاونات وغيرها من الاسلحة الثقيلة .

خلال الاشهر التسعة الماضية تم حل 120 نزاع عشائري من قبل السلطات المحلية و10 لم تحسم بعد، وهذا يعني 15 نزاع شهريا، وما يزيد الطين بِلَّة هو وقوف المليشيات المسلحة بجانب طرف من الأطراف بسبب روابط عرفية او عائلية او مناطقية.

دور احتجاجات 2019:
الكثير من النزاعات العشائرية تلاشت بعد شهر ونصف من احتجاجات تشرين/ اكتوبر 2019 كون الكثير من شباب هذه العشائر اتجهت الى العاصمة بغداد للاحتجاج بدعم من عائلاتهم وعشائرهم كما انهم لا يعرفون عن اقرانهم غير اسمائهم مبينًا الانتماءات العشائرية غير حاضرة في احتجاجات 2019. ولفت احد المحتجين لـ” العربي الجديد” إلى أنّ “التظاهرات تثبت كل يوم أنها دليل على الوحدة الوطنية، وأن المشاركين فيها لم يأتوا للمطالبة بحقوق متعلقة بهم ولا بعشائرهم، بل للمطالبة بحق الشعب العراقي كله في إصلاح النظام السياسي”.
وهذا يدفعنا أن نرى ضوء نهاية النفق بالسيطرة على النزاعات العشائرية ولنصل اليه نحتاج تشريع قوانين صارمة تسيطر على العشائر واعمالها الغامضة، واهمها حصر السلاح بيد الدولة ونزع الاسلحة من العشائر وتوعية افرادها، كذلك التعديل على قوانين قديمة لضمان الحقوق وتعجيل القضاء في حسم الأمور لان التأخير في الحسم تدفع الضحايا الى أن يستعينوا بعشائرهم للحصول على حقوقهم.

لكن تأخر هذه الاجراءات بعد الاحتجاجات زادت النزاعات في بعض المحافظات وخاصة الجنوبية بسبب التراخي الامني، وحسب ما ورد من الجزيرة “إضافة لصعود وتيرة العنف خلال الاحتجاجات عام 2019 آنذاك، إذ تم تجريد الشرطة من الأسلحة لفترة طويلة خشية استخدامها ضد المتظاهرين، وهو ما خلف فرصة كبيرة للفوضى الأمنية”.

لكن غالبًا ما تختفي الاسباب الرئيسية حول النزاعات في الجنوب، وماهية مصادر هذه الاسلحة والاموال الطائلة للتجهيزات التي تبدو شبه عسكرية، وتهديد من يتطرق لهذا المواضع وكأنه خرق “تابو” العشيرة دون ان يدري، بهذا شكلت العشائر دولة داخل الدولة .
يقول مصدر أمني مجهول للجزيرة “خلال السنوات الأخيرة للحرب ضد تنظيم داعش استطاعت الكثير من العشائر تعزيز تسليحها عبر تهريب السلاح من المناطق الساخنة إلى المناطق الجنوبية والحصول عليها بأسعار زهيدة بعد هزيمة التنظيم، وهذا مكنهم بشكل أكبر بالاستمرار في أي نزاع ينشب”.
ويضيف المصدر “عندما تتدخل القوات الأمنية لفض أي نزاع عشائري ومصادرة الأسلحة يتدخل شيوخ العشائر للتأكيد على أن هذا السلاح دافع عن العراق خلال الحرب على تنظيم الدولة ومن غير الممكن مصادرته، والشرطة لا يمكنها أن تنفذ مهمة تنتهي بصدام مع العشائر”.

يبقى نقص الوعي بين المواطنين وصناع القرار حول مدى انتشار سلاح العشائر باعتباره عائقًا كبيرًا في تحقيق العدل الاجتماعي، فالجهل بحجم المشلكة ونطاقها يجعل من محاربتها عملية صعبة ومستحيلة كذلك يزيد من ميزانية المؤسسات المعنية بمحاربة الجرائم، وكما ذكرنا آنفًا عن اهمية تعديل وتكوين قوانين جديدة تضم العشائر تحت عبائتها من مبدأ المواطنة والسيطرة على الاسلحة المنفلتة، والاهم قبل هذا كله دراسة وتحليل الاوضاع وتوعية الافراد .

Scroll to Top